الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة حوّلوا الرياضة إلى وسيلة لمحاربة الإحتلال الغاشم: عزيمة الفلسطينيين أكبر من بطش وحصار الإسرائيليين !

نشر في  04 جوان 2014  (20:58)

فكّرت طويلا بحثا عن موضوع مقال هذا الأسبوع ولم أجد أفضل من التوقّف عند الحدث الهام الذي عاشته الرياضة العربية والفلسطينية بعد تأهّل منتخب فلسطين لكرة القدم لأوّل مرّة في تاريخه إلى نهائيات كأس أمم آسيا التي ستقام في أستراليا مطلع السنة القادمة. وكان المنتخب الفلسطيني أحرز على كأس التحدي الآسيوية بعد فوزه في المباراة النهائية على نظيره الفيليبيني بهدف مقابل لا شيء يوم الجمعة الفارط في جزر المالديف. والمعلوم أن كأس التحدي تحمل اسم «بطولة التحدي»، وقد خصصها الاتحاد الاسيوي للمنتخبات التي تصنف «ناشئة» أو في «طور التطور»، والمنتخب الفائز بها يتأهل مباشرة إلى كأس آسيا.
الفرحة بهذا الإنجاز كانت غير مسبوقة وكأن الفلسطينيين كانوا بانتظار مباراة كرة قدم ليعرفوا السعادة بعد أن سرق منهم المحتلّ فرحة الحياة.. لذلك حظي منتخب «الفدائي» باستقبال شعبي ورسمي غير مسبوق بعد عودته إلى أرضه وقد هنّأ الرئيس محمود عباس اللاعبين بعد فوزهم باللقب وأشاد بالمستوى الرائع والمميز الذي ظهروا به وروح التحدي والتصميم لرفع اسم فلسطين ومكانتها في سماء الكرة الاسيوية واعتبر رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب الذي كان وراء الثورة الرياضية الفلسطينية، أن بلوغ منتخب بلاده نهائيات كأس اسيا للمرة الأولى هو أفضل يوم في تاريخ الرياضة الفلسطينية، وأكد أن هذا التأهل جاء في وقت مناسب لانه تزامن مع حملة اتحاد الكرة للدفاع عن حقوق الرياضيين الفلسطينيين لدى الاتحاد الدولي.
والمعلوم أن الرياضة الفلسطينية وعلى غرار جل القطاعات تعاني من شتى أنواع الحصار والمضايقات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تتوانى عن تسخير كل الوسائل لتكبيلها وخنقها وعزلها عن محيطها وطمس معالم الهوية الرياضية الفلسطينية التي أوجدت لنفسها منذ سنين طويلة موطئ قدم على الخارطة العربية والدولية. ومن جملة هموم ومعاناة الحركة الرياضية في فلسطين حرمان الرياضيين الفلسطينيين من التنقل في الضفة والقطاع أو منهما وإليهما وفرض سلطات الاحتلال قيودا على بناء المنشآت الرياضية رغم أنها تقام على أراضي فلسطينية ويمولها الاتحاد الدولي لكرة القدم، ناهيك عن تماديها في حجز المعدات الرياضية التي ترسل إلى اللجنة الأولمبية الفلسطينية من هيئات رياضية دولية وإقليمية في الموانئ الإسرائيلية سعيا منها إلى تكسير شوكة الفلسطينيين وطمس هويتهم وتقويض كل ما من شأنه أن يساهم في إثراء وتعظيم شأن فلسطين وقضيتها العادلة. لقد جاء هذا التأهل في وقت تمر فيه الحياة الرياضية في فلسطين خاصة كرة القدم بصعوبات عديدة نظرا للأوضاع الصعبة والمتلاحقة يوميا في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي والحصار المتزايد، إلا أنها مازالت تقاوم وتتمسك بالحياة من أجل البقاء صامدة مثل القضية الفلسطينية تماما.
وتعرف الحياة الرياضية في فلسطين حالة مضطربة بالتوازي مع سائر الأوضاع سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وتعاني كرة القدم معاناة رهيبة جداً، حيث أن الهياكل المشرفة عليها غير قادرة على إقامة دوري متكامل وفي ظروف عادية نتيجة تقطع الضفة إلى حوالي 64 منطقة وعزل المناطق والمحافظات عن بعضها البعض، إضافة إلى تقطيع غزة إلى خمس مناطق وتقطيع داخل محافظات الشمال وداخل محافظات الجنوب ، وهو ما يؤثر سلبا على النشاط الرياضي.
ورغم تدخلات «الفيفا» واللجنة الأولمبية الدولية، ضرب الجانب الإسرائيلي بالاتفاقيات عرض الحائط وواصل صلفه في كلّ ما له صلة بواقع الشارع الفلسطيني والشعب بالكامل، بما في ذلك الرياضة الفلسطينية.. حيث يتفنن فى عرقلة مجرد وصول لاعب من الصفة الغربية أو محافظات الشمال إلى محافظات الجنوب ، وهناك عقبات كثيرة تعاني منها الفرق الرياضية الفلسطينية فى التحرك من قطاع غزة إلى نابلس أو أريحا أو أيّ مكان آخر .
لذلك لم يكن أشد المتفائلين بالمنتخب الفلسطيني يتوقعون أن يظهر بالمستوى الذي ظهر عليه، أو أن يحقق النتائج التي حققها يوم الجمعة الفارط في المالديف وقبلها في تصفيات كأس العالم وبطولة آسيا ، صحيح أن الفريق يقصي عملياً من المنافسة، لكن الصحيح أيضاً أنه كان يخرج برأس مرفوعة بعد أن فرض احترامه من قبل الجميع،
وللإشارة فقد شهدت الحركة الرياضية في فلسطين منذ عودة السلطة الفلسطينية عام 1994 نشاطاً رياضياً مكثفاً بعد انقطاع استمر سبع سنوات، هي عمر الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987، ويعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام 1928 من أول الاتحادات العربية والآسيوية التي شاركت في مناسبتين متتاليتين في تصفيات كأس العالم عام 34 و 38 كما يعتبر حاليا من الاتحادات الأكثر نشاطاً وحيوية خصوصا منذ أن تولّى اللواء جبريل الرجوب مهمة الإشراف عليه، حيث نجح في كسب التحدّي وإحداث نقلة نوعية في الكرة الفلسطينية رغم الصعوبات الكبيرة التي يضعها المحتلّ لتكبيل الرياضة الفلسطينية والقضاء عليها.
وفضلا عن ذلك، فقد حظيت الرياضة الفلسطينية بدعم مالي ومعنوية وذلك بفضل جهود الرجوب وتحرّكاته وبعد أن اقتنع الفلسطينيون بأن الرياضة يمكن أن تكسر الحصار وتكون وسيلة هامة ومحورية للترويج للقضية وكشف بطش الاحتلال وجبروته وغطرسته، وإظهار قوّة الصمود والقدرة على التحدّي التي رفعها أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل ومازال وفي إطار كسر الطوق الذي يفرضه المحتل بذل مجهود كبير لتشجيع العرب رياضيين وإعلاميين ومسؤولين على زيارة فلسطين وقد أثمرت هذه المجهودات زيارة العديد من الفرق والمنتخبات العربية، وأجرت العديد من المباريات مع منتخبات فلسطين وفرقها، ولم تقتصر هذه الزيارات على الفرق الرياضية، بل وشملت أيضاً الفاعلين في المشهد الرياضي العالمي حيث قام وفد رفيع المستوى من الاتحاد الدولي لكرة القدم بزيارات تاريخية عديدة لفلسطين وكان على رأسه السويسري جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الذي اطلع عن قرب وفي أكثر من مناسبة على معاناة الكرة الفلسطينية، مثلما هو الحال لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية علاوة على شخصيات رياضية دولية بارزة.
إن إنجاز المنتخب الفلسطيني المتمثل في الفوز بلقب بطولة كأس التحدي الآسيوية 2014 والتأهل إلى كأس آسيا 2015، يدشن حقبة جديدة في مسيرة كرة القدم الفلسطينية ويفتح الباب واسعا أمامها نحو انطلاقة واعدة لمستقبل مشرق على كافة الأصعدة خصوصا أن الفوز ببطولة كأس التحدي يضع المنتخب الفلسطيني في مصاف المنتخبات الأكثر تطورا في القارة الآسيوية، وذلك بالرغم من الحواجز المنتصبة على طريقه والتي لم تزده إلا إصرارا على مضاعفة البذل والعطاء في سبيل الوصول إلى أعلى درجات الإمتياز.لذلك من حق الفلسطينيين أن يسعدوا بهذا الإنجاز التاريخي الذي أنساهم -ولو إلى حين- سطوة الإحتلال وبطش المحتلّ، ومن واجب العرب أيضاً أن يشاركوا أبناء شعبنا الشقيق فرحتهم بانتصار التحدّي والرجولة والإستبسال.

بقلم: عادل بوهلال